في الآونة الأخيرة كثير ما نقرأ عن «التفكير من المبادئ الأولى» ومدى أهميتها في شتى المجالات خاصة في ريادة الأعمال والاستثمار لكن ما أساس هذه العقلية وكيف تعمل تلك المنهجية؟
هذا الأسلوب عبارة عن تقنية من تقنيات حل المشاكل بطريقة إبداعية. نبدأ على بركة الله بشرح تعريفها وكيف تعمل:
ما تعريف هذا الأسلوب؟
التفكير باستخدام المبادئ الأولى يعرّف على أنه تفكير نقي بدأ من أساس المشكلة: هذا التفكير لم يكن له أصل من قبل، هو تفكير مبني على افتراض لم يتفرع منه أساس آخر؛ تفكير من مستوى الصفر.
لا تستطيع استخدام تفكير بالمبادئ الأولى من فرضية مسبقة.
تعامل مع "تفكير المبادئ الأولى" على أنه نهج مماثل للهندسة العكسية. هذه الطريقة أحد أفضل الطرق بحل المشكلات المعقدة بهندسته عكسيًا وإطلاق العنان للإمكانيات الإبداعية. التفكير بالمبادئ الأولى يتطلب منك تفكيك مشكلة معقدة إلى عدة أجزاء ابتدائية وبسيطة. أو بعبارة أخرى، تقسيم المشكلات المعقدة إلى عناصر أساسية ثم إعادة تجميعها من الأف إلى الياء؛ هذا النهج يميزك عن الآخرين ويجعلك تفكّر بحلول إبداعية، ويبعدك كثيرًا عن النتائج التقليدية.
الفكرة خلف هذه الآلية هي نقل التفكير في الحلول من القمة إلى القاع. بدلًا من التسرع في البحث عن مسببات المشكلة أو تشبيها بما كانت عليه بالماضي وهدر الطاقة العقلية؛ نذهب بالعقل إلى العقبة الأولى.
أرسطو هو أول من استخدم هذا النهج ويستخدمه الآن إيلون ماسك وتشارلي مانجر فيسمح لهم هذا الأسلوب بالتغلب على الأنماط التقليدية والتشبيهات المماثلة لرؤية واغتنام فرص يفوتها الآخرون.
عادة عندما نواجه تحديات صعبة فنحن نميل إلى مواجهتها مباشرةً وبطريقة تقليدية وكأننا مبرمجين على هذا النمط الفكري. هذا الأسلوب في حل المشكلة لا يؤدي إلى نتائج جديدة وإبداعية لكن إلى حد ما يفي بالغرض من حيث الحل. هذا الاسلوب يأتي بحلول مشابهة تمامًا لحلول أتوا بها أناس من قبلنا.
لماذا الكثير منا يفضل أسلوب التشبيهات المماثلة؟
يعود الأمر إلى عدة أسباب:
1. نمط سهل استخدامه والقيام به.
2. سرعة العملية التفكيرية.
3. لا يجهد العقل.
يجب أن نحدد ونبرر استخدام هذا النهج عندما تكون السرعة مطلوبة في الحل أو الحلول الإبتكارية ليست هي الهدف. دعونا نعطي مثال يوضح تدفق التفكير بالمبادئ الأولى:
المشكلة الصعبة؟ البطاريات الكهربائية مكلفة جدًا.
ظل الكثير من الناس يقولون إن البطاريات الكهربائية باهظة الثمن وستبقى دائمًا هكذا؛ مكلفة.
لماذا؟ ما السبب وراء ذلك؟
لأن البطاريات مكلفة منذ الماضي وهي هكذا.
«باستخدام منطق التشبيه هذا، لما وجدنا اختراعات جديدة اليوم» قالها إيلون ماسك في مقابلة تعقيبًا على تبني منطق التشبيه.
الآن، دعنا نستخدم التفكير من المبادئ الأولى في غلاء البطاريات:
نسأل أولًا عن المكونات المادية للبطاريات؛ من ماذا صنعوا؟
من الكوبالت والنيكل والألمنيوم والكربون وبعض البوليمرات وعلب صلبة مصنوعة من الحديد.
ثانيًا، كم تكلفة هذه المواد؟
هنا نقوم بتقسيم المواد والبحث عن سعر كل مادة على حدى. ما تكلفة البوليمرات في بورصة لندن للمعادن، مثلًا؟
في الأخير، يمكنك التفكير بطرق ذكية لخفض هذه التكلفة ومن ثم دمجها لاحقًا في صنع بطارية جديدة.
هل تريد مثالًا واقعيًا على هذا النهج من التفكير؟
انظر إلى شركة تيسلا لصناعة السيارات الكهربائية. وأيضًا إلى شركة إيلون ماسك الأخرى المتخصصة في صنع صواريخ الفضاء. مع ذلك، لا توجد هناك طريقة واحدة فقط باستخدام التفكير من المبادئ الأولى بل عدة طرق وأساليب.
هنا بعض الأسئلة الشائعة والتي تساعدنا على استخدام هذا النهج:
لماذا أعتقد أن شيئًا ما صحيحًا؟ كيف أعرف أن هذا الشيء صحيح؟
كيف يمكنني دعم أو حتى التحقق من صحة هذا الإعتقاد؟
هل توجد وجهات نظر بديلة؟
الأطفال أكثر الأشخاص تطبيقًا لهذا النهج؛ فلنكثر من الأسئلة ولا نقتنع بسهولة.
يعد الاستفادة من التفكير بالمبادئ الأولى أمرًا صعبًا ومرهقًا وقد يستغرق أوقات طويلة، ولكنه أيضًا طريق إلى ابتكار حلول إبداعية تأتي بنتائج استثنائية.
في الختام، عرّف الفيلسوف أرسطو هذا النهج بأنه: «الأساس الأول الذي من خلاله يُعرف الشيء».
أتمنى أنني وفقت بتقديم شرح مبسط وبداية قد تساعدك في حلول مشكلات وتحديات بطريقة ذكية من الآن فصاعدًا. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علمًا يا رب العالمين.