هناك الكثير من المنتجات التي فشلت ولا نحتاج إلى ذكاء أو حتى أدلة لكي نعرف أن وراء فشلها حتمًا ليست الجودة، بل التسويق والوصول السليم إلى المستهلك. أنا شخصيًا أنفقت جل اهتمامي وطاقتي في جودة المنتج ومحاولة إتقان بائت لاحقًا في الفشل بعد إطلاقنا للمنتج؛ العجيب – والمضحك – أن العنصر الذي يليه لم يكن التسويق، بل كان الكم ووفرة المنتج.
بعد هذه المقتطفات ستستطيع الإجابة عن السؤال الذي يتناقله الكثيرون: كيف تستطيع توقع نجاح شركة مبتدئة أو منتج جديد؟
الجودة عنصر مهم ومصيري في نجاح أي شركة لكن تعتبر نسبيه نوعًا ما، فالأذواق تختلف من شخص لآخر حتى الإدراك والمعرفة تتفاوت بيننا فالبعض يرى منا أن ملابس نايكي أفضل من أديداس والآخرون يرون أن أحذية لاكوست أفضل صنعه. باختصار لا نستطيع أن نطلق حكم نجاح شركة جديدة فقط بسبب جودة منتجها.
تقديم خدمة جديدة وذكية هي فقط نصف معادلة النجاح فالنصف الثاني يعتمد اعتماد كلي على فهم سلوكيات جمهورك وزبائنك أي ما تسمى بـ «سلوكيات المستهلك» عندها يمكنك التلاعب في السوق وتذليله كيفما تشاء. هناك نوعان من الإبتكار؛ إبتكار مغير أو مزعزع «إبتكار عصري»، وإبتكار مستدام أو مستمر «إبتكار تقليدي».
فالنوع الثاني لا يستوجب مستجدات في سلوكيات المستهلك ويرجع ذلك إلى أن المستهلك عادة يكون شخص وفي ولا يستطيع ملاحظة الفارق أو ما الجديد في الخدمة؛ والسبب الآخر أن المنتج مبني على تقنية قائمة بتغييرات طفيفة. نعم هناك شركات تستقل ثقة المستهلك بطريقة ذكية وشركات أخرى تستعين بطرق تقليدية معدومة الجدوى.
إذا كنت من جيل الذي استخدم هواتف نوكيا ستعلم ما أقصد وماذا حدث عندما قدمت أبل جهاز الأيفون الجديد في سنة 2007. عندما انتقلنا من عالم الأزرار إلى العالم اللا أزرار توجب علينا تعلم أطباع وطرق جدد في كيفية استخدام الآيفون.
هذا ما يسمى بمنتج عصري ومغير أي يجبر المستهلك على تعلم وتبني سلوكيات استخدام جديدة؛ عكس ما يفعله الابتكار التقليدي. لكن كما ذكرنا قبل قليل كل مستهلك يختلف عن الآخر وهذا الاختلاف يبطء من عملية التبني الشاملة وانغماس المنتج بين أيدي المستهلكين. وهنا تكمن المشكلة الخفية والحقيقية لكل شركة ناشئة ومنتج جديد؛ كيفية مساعدة وتبسيط تأقلم المستهلك مع النقلة النوعية التي يقدمها منتج معين؟
وهنا يكمن أيضًا سر فشل بعض الشركات عند طرحها منتج وخدمة جديدة. فهمك الجيد لأنماط وسلوكيات المستهلك والسوق عندها تستطيع استيعاب واختراق أي سوق أو تقنية.